المسلسلات التركية .. وهج مصطنع وقصص لا تعكس واقع الأناضول التعددي المسلسلات التركية.. فهي لا تعكس صورة المجتمع التقليدي المسلم المحافظ لملايين الأتراك ونمط عيشهم وطريقة تفكيرهم
هي العلاقة الجامعة بين رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي الذي يلقبه بعض العرب بالطيب، والمسلسلات التركية العاصفة منذ أكثر من عامين في العالم العربي والتي كادت، في فترة ما، تتحول إلى إعصار لا يمكن تحديد مخلفاته وأضراره؟ بمرور الوقت، تتضح الصورة، رويدا رويدا، وبدأ البعض يدرك أن النتائج لن تكون، على الأرجح، مشجعة ولا مفرحة، إذا ما استمر الحال على ما هو عليه!
أردوغان في صعود والمسلسلات التركية إلى نزول .. ما السبب؟ ومن هو المسؤول؟
أردوغان والمسلسلات التركية، كانا نجمي عام 2009 في المنطقة العربية، كلاهما وسع من رقعة تمركزه، وعزز من نفوذه، وزاد من حجم شعبيته، ليس في تركيا وحدها بل في العالم العربي بأكمله.
كلاهما استفاد إلى أبعد الحدود من الفرص السانحة والفراغ المتروك وحالات التراجع والارتباك.
هذا إلى جانب الدعم الذي لقيه كل منهما بسبب المواد التي قدمها وروج لها ووفرت له المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي حمله على أجنحة معولمة إلى أبعد الأماكن التي ظلت لسنوات طويلة مغلقة في وجهه ومحرمة عليه.
لكن الفارق الكبير بين الاثنين هو أن الأول تعامل مع الحقائق والمعطيات السياسية والأمنية والتاريخية القائمة على الأرض، وهو لذلك ما زال يحظى بشعبيته الواسعة ويحصد المزيد من النقاط منذ 6 سنوات.
أما المسلسلات التركية فرغم اتساع رقعة تمددها وتهافت المشاهد التلفزيوني العربي عليها، فإنها بدأت تعاني من انتقادات واعتراضات يتزايد عددها يوما بعد الآخر.
فصعودها يبدو أنه جاء مصطنعا بسبب ما يحمله من أوهام وأحلام وتلاعب بالنفوس والعقول وافتعال ضجيج لا يغني من جوع.
بالأمس القريب كان أحد الأطفال العراقيين البالغ من العمر 7 أعوام يطلق النار على والده من مسدس الأخير الذي كان يحتفظ به في سيارته، بعدما دعاه الابن لرفع يديه والاستسلام. ولما لم يمتثل الأب إلى الأوامر أطلق عليه الابن رصاصة واحدة استهدفت القلب مباشرة وأردت الوالد قتيلا.
فالصغير كان يحاول هنا تجسيد شخصية بولات عالم دار أو مراد نجم مسلسل «وادي الذئاب» الذي يعالج موضوع المافيا التركية وحروب الدولة مع شبكات التجسس والتخريب المدعومة من الداخل والخارج، والذي بدأ يأخذ مكانه في التلفزيونات العربية إلى جانب العشرات من المسلسلات المترجمة والمدبلجة.
هذا وفي الوقت نفسه كان الكثير من السفراء الأتراك يرددون أن المسلسلات التركية التي تكتسح القنوات العربية منذ عامين نجحت في ما فشلت فيه الدبلوماسية التي بذلت عشرات السنين على هذا الطريق لكنها لم تحقق الكثير.
علما بأن ما حصده مسلسلا «مهند ونور» و«سنوات الضياع» من شعبية كاسحة في العالم العربي لم يتكرر بعدهما، وربما لن يتكرر أبدا.
ومع ذلك، فإن مجموعة من الكتاب والإعلاميين الأتراك يرون أن المسلسلات هذه كان لها الفضل الأكبر في التعريف بتركيا ونقل أجوائها الفكرية والثقافية والاجتماعية، وأنها لعبت دورا أساسيا في دفع آلاف السياح العرب لتحويل وجهات سيرهم نحو المدن التركية.
إضافة إلى ذلك، فقد أعلن قبل أيام وزير الدولة التركي ظفر شاغليان أن الدولة ستخصص جوائز ومكافآت مالية تدعم المنتجين والمخرجين الذين يقومون بأعمال ناجحة من هذا النوع تسهم في التعريف بتركيا وتشجع على تسويق منتجاتها في الخارج.
لكن أسئلة أخرى ما زالت تتردد على لسان الكثير من المثقفين الأتراك والعرب على السواء، حول ما إذا كانت هذه المسلسلات تعكس الصورة الحقيقية للداخل التركي اجتماعيا وثقافيا وحضاريا، وهل أنها تسهم فعلا في فتح صفحة جديدة من الحوار الذي ظل منقطعا لعقود طويلة بين الجانبين، وتقود العرب لتغيير الصورة التي يعرفونها عن الأتراك؟
وهل بمقدور ما حققته هذه المسلسلات أن يقنع الأتراك باستبدال الصورة التي رسموها، حتى الآن، عن العرب والعالم العربي؟
التلفزيوني محمد التن أوكلار يعتبر أن المسلسلات التركية هذه تقوم بدورين كبيرين باتجاه العالم العربي، أولهما الترويج لتركيا ولثقافتها وحضارتها بصورة طبيعية وليس عبر الحملات الدعائية، والدور الثاني هو أنها تعكس صورة الحالة الاجتماعية والثقافية كجسر عبور بين الشرق والغرب وتنقلها إلى المشاهد العربي ليتعرف عليها.
وهذا أيضا ما قاله الكاتب الإسلامي المعروف فهمي قورو وهو يدافع عن انتشار هذه المسلسلات في العالم العربي وعن الخدمات الكبيرة التي تقدمها للتعريف بتركيا وبنيتها وتركيبتها، وتقربها مجددا من تاريخها وجغرافيتها التي ابتعدت عنها لعقود طويلة.
ويضيف قورو أن سبب انتشار هذه الظاهرة على هذا النحو الواسع هو رغبة العالم العربي في التعرف إلى كل شاردة وواردة حول تركيا بعد المواقف السياسية والدبلوماسية والإنسانية التي أبدتها في السنوات الأخيرة حكومة العدالة والتنمية، وتركت انطباعا إيجابيا بالغا لدى الشعوب العربية.
كذلك - في رأي قورو - هناك رغبة عربية في التعرف إلى نمط المعيشة في تركيا، كبلد إسلامي يأخذ مكانته وموقعه بين الشرق والغرب على السواء.
كاتب إسلامي آخر هو فاروق شاقير، يرى أن المسلسلات هذه قد تقدم خدمة إيجابية في التعريف بتركيا والتسويق للمنتجات التلفزيونية، وأن دعم الحكومة للمشاركين في مثل هذه الإنجازات هو ضروري، أيضا لكن هناك حقيقة أخرى لا بد من التوقف عندها وهي أن الكثير من هذه الأعمال لا تمثل الصورة الحقيقية للداخل التركي القائمة اليوم، ولا تعكس صورة المجتمع التقليدي المسلم المحافظ لملايين الأتراك ونمط عيشهم وطريقة تفكيرهم.
ويتابع شاقير بالقول «والأهم من كل ذلك هو، هل أن تركيا التي كانت عرضة لسنوات طويلة لتأثيرات المسلسلات البرازيلية وانعكاساتها السلبية، تحاول اليوم أن تلعب الدور نفسه الذي لعبته هذه المسلسلات، في تركيا ونقله إلى العالم العربي؟».
لا نريد أن نكون مجحفين بحق الكثير من هذه الأعمال الفنية الناجحة والدور الفني والتثقيفي الذي تلعبه، لكن ارتفاع أثمان الحلقات خلال العامين الماضيين إلى 5 أضعاف، والترجمات الخاطئة والمبتورة، وتعمد اختيار قصص تركز على صورة وهمية خيالية لا علاقة للمجتمع التركي اليوم بها لا من قريب ولا من بعيد، كلها عوامل لا تبشر بمستقبل واعد، على المدى الطويل، للمسلسلات التركية، في العالم العربي.
والدليل هو نسبة الأرقام المنخفضة التي تعكس قلة شعبية هذه الأعمال في تركيا نفسها، وتدني مستوى نجاحها. كل ذلك يدفعنا مع الأسف للحديث عن تفسيرات غير التي يقال عنها في صفوف المتاجرين بهذه الأعمال في الجانبين.
قبل سنوات كتبنا ندعو رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة للمشاركة في إحدى حلقات «وادي الذئاب» إذا ما وجهت إليه الدعوة، بسبب طبيعة السيناريو ومضمون هذا المسلسل الناجح والإيجابيات التي قد يتركها لدى المشاهد التركي حول الأزمة اللبنانية، لكننا نجد أنفسنا اليوم مجبرين على التحذير من السيناريوهات المصطنعة والإباحية الرخيصة المفتعلة التي يبالغ فيها كتاب سيناريوهات بعض هذه المسلسلات التي لا علاقة للمجتمع التركي الحقيقي بها بأي شكل من الأشكال.
فتركيا بصورتها الواقعية هي في قلب الأناضول ومدنه وريفه وقراه التي تجمع عشرات التركيبات والشرائح الاجتماعية والعرقية واللغوية والدينية، تنتظر فعلا من يكتب عنها ويعرف بها وبتاريخها، بعيدا عن قصور الوهم وأوهام القصور.
وإلى الدارسين والباحثين والراغبين في العثور على نموذج تلفزيوني حقيقي لما نقول، يوثق العلاقات التركية العربية، ويعرف الأتراك والعرب ببعضهم بعضا، نحيلهم إلى مناطق ماردين وجوارها المعروفة بغالبيتها العربية مثلا، لنتعرف معا على التمدد التاريخي والعرقي والحضاري لعشرات القرى المنتشرة هناك بكل ما تحمله من عادات وتقاليد ولهجات ومشارب.
موجة المسلسلات التركية في القنوات العربية تحتاج حقا إلى تدقيق ومراجعة في اختيار المناسب، وتجنب المفخخ وغير المدروس منها.
وهذه هي مهمة القيمين على هذه القنوات التي تتاجر وتتلاعب بنا باسم الانفتاح والحوار والعودة إلى فتح الأبواب والحدود.
الفرصة الحقيقية قد تكون - كما يرى بعض المثقفين الأتراك - هي في إطلاق مشاريع تعاون فني وتلفزيوني مشترك، ومعالجة مسائل تعني الطرفين معا، تاريخية إنسانية حضارية، تنقل لنا صفحات الماضي والحاضر، وتعرفنا بالمستقبل المشترك، بدل نقل سيناريوهات لأزمات اجتماعية تسويقية مصنعة ومعلبة لا طعم ولا لون ولا رائحة لها.
23/7/2016, 4:57 am من طرف JAGUAR
» آخر صيحات حقائب اليد لسنة 2016
4/7/2016, 6:35 am من طرف JAGUAR
» بالصور: شاهدي أجمل صيحات الكعب العالي لربيع وصيف 2016
4/7/2016, 6:33 am من طرف JAGUAR
» للمحجبات فقط: إطلالات تركية أنيقة بتصاميم وألوان رائعة !
4/7/2016, 6:32 am من طرف JAGUAR
» خلطات برازيلية لتبييض الأسنان…ستبهرك نتائجها
4/7/2016, 6:31 am من طرف JAGUAR
» بالصور: شاهدي أحدث صيحات الفساتين لصيف 2016
4/7/2016, 6:29 am من طرف JAGUAR
» خلطة خليجية لتطويل الشعر وتكثيفه في أسبوع
4/7/2016, 6:28 am من طرف JAGUAR
» دراسة : الزواج بامرأة سمينة يضمن السعادة إلى الأبد
25/6/2016, 9:08 am من طرف JAGUAR
» معجون الأسنان أسرع وسيلة للتخلص من حب الشباب
25/6/2016, 9:05 am من طرف JAGUAR